ينصّ ميثاق الأمم المتحدة على أن الحفاظ على السلام والأمن الدوليين هو الهدف الرئيسي للأمم المتحدة (المادة 1-1 من ميثاق الأمم المتحدة)، ويناط بمجلس الأمن الدولي المسؤولية الرئيسية لتحقيق هذا الهدف (المادة 24).
وإذا ما فشلت محاولة لتسوية نزاع معين بالطرق السلمية (الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة – التسوية السلمية للنزاعات) فإن الميثاق يضع آلية معينة من أجل الدفاع عن الأمن الجماعي، تخول استخدام إجراءات قسرية (الفصل السابع – التحرك في ما يتعلّق بالتهديدات للسلام، وانتهاكات السلام، وأعمال العدوان). وإذا ما اقتضت الضرورة، فإن مجلس الأمن يستطيع، بموجب الفصل السابع، القيام بعمليات عسكرية (المادة 42) وكان الهدف في الأصل هو أن يكون هناك جيش دائم تحت تصرف المجلس (المادة 43)، وكان يفترض أن تدير القيادة الاستراتيجية فيه لجنة أركان عسكرية (المادتان 46 و47). غير أن اللجنة لم تتشكل أبدًا، وعملت الحرب الباردة على تجميد أي محاولات لإنشاء النظام ككل بسبب منطق تصادم التكتلات الأيديولوجية المرتبطة بالقوى الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن.
ومنذ البداية، تبيّن أن الإجراءات الخاصة لتسوية النزاعات سلميًا، التي نصّ الفصل السادس عليها، غير كافية في حالات النزاع المفتوحة. ومن جهة أخرى، فإن أي استخدام للقوة الدولية المنصوص عليه بموجب الفصل السابع في الحالات التي تعرض السلام والأمن الدوليين للخطر، قد تعرَّض لتعطيلات بفعل قوة التصويت بالفيتو من جانب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وللتغلب على هذه العقبات ابتكرت الأمم المتحدة عمليات حفظ السلام في عام 1956 أثناء أزمة قناة السويس. وكانت تلك استجابة خاصة لوضع لم يرد له تصور في الميثاق وإجراء علاجي ليحل محل استخدام القوة. وحيث إنه لا يوجد أساس قضائي لهذه الإجراءات، فإن التبرير الذي يساق لهذه العمليات غالبًا ما يشار إليه “الفصل السادس والنصف” المتخيل.
وفي الآونة الأخيرة، عزز مجلس الأمن تعاونه مع المنظمات الإقليمية لتسوية الأزمات، ولا سيما مع المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (في ليبيريا وسيراليون في عام 2003)، ومع الاتحاد الأفريقي (في السودان من خلال البعثة المختلطة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور منذ عام 2007)، وذلك وفقًا للمادتين 52 و53 من ميثاق الأمم المتحدة. وفي تاريخ عمليات حفظ السلام، فوَّض مجلس الأمن أيضًا وأجاز استخدام القوة لائتلافات من الدول (القوة الدولية بقيادة أستراليا في تيمور الشرقية عام 1999) ولمنظمات أخرى مثل حلف شمال الأطلسي (قوة المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان منذ عام 2001) والاتحاد الأفريقي (بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال منذ عام 2007).
ومنيت بعض هذه البعثات بإخفاقات خطيرة، مثل المذابح التي تعرض لها أناس تحميهم الأمم المتحدة في يوغوسلافيا سابقًا ورواندا، وأثارت شكوكًا بشأن عمل هذه البعثات وأدت إلى ظهور مذاهب جديدة بشأن مضمون وشروط استخدام القوة لحماية السكان المدنيين (راجع أدناه ثانيًا-4). وأدت أيضًا إلى إيضاح جواز تطبيق القانون الإنساني على عمليات حفظ السلام، سواء كقوات مقاتلة تنخرط في نزاع، أو كقوات لتحقيق الأمن والاستقرار تشارك في مهام مرتبطة بإنفاذ القانون وإعادة إرساء النظام العام (أدناه 4).
ويعهد ميثاق الأمم المتحدة بالمسؤولية الرئيسية عن حفظ السلم والأمن الدوليين إلى مجلس الأمن. ومع ذلك، فإنه حينما يفشل في اتخاذ قرار بسبب الافتقار إلى إجماع الأعضاء الدائمين، يمكن للجمعية العامة التحرك (القرار 377 [5] الذي تبنته الجمعية العامة في تشرين الثاني/ نوفمبر 1950 وعنوانه “الاتحاد من أجل السلام”) وفي حالة وجود خطر على السلام والأمن الدوليين، أو انتهاك للسلام، أو عدوان لا يجوز للجمعية العامة اللجوء إلى القوة ولكن يمكنها دراسة الموضوع على وجه السرعة وتقديم توصيات إلى الأعضاء لاتخاذ تدابير جماعية من أجل الحفاظ على السلام والأمن الدوليين أو إعادتهما. وفضلًا عن ذلك، يمكنها إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية كما فعلت عدة مرات، لا سيما في عام 2004 فيما يتعلق بالعواقب القانونية لبناء إسرائيل جدارًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
← محكمة العدل الدولية؛ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة .